السبت, 2024.05.18, 7:28 AM
                             موقع عالم الكمبيوتر
الرئيسيةالتسجيل من هنا يا ضيفنادخول من هنا
منور موقعنا يا ضيف, ضيف · RSS
قائمة الموقع
 
طريقة الدخول
 
فئة القسم
نهر النيل [1] مصر فى عهد مبارك [15] انا واصدقائى [0] هنا جميع برامج الكمبيوتر فقط [0]
 
بحث
 
التقويم
«  ديسمبر 2010  »
إثثأرخجسأح
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031
 
أرشيف السجلات
 
أصدقاء الموقع
  • موقعنا على الفيس بوك
  •  
    إحصائية

    المتواجدون الآن: 1
    زوار: 1
    مستخدمين: 0
     
     المدونة
    الرئيسية » 2010 » ديسمبر » 17 » ملف حقوق الإنسان للمصريين فى عهد مبارك
    5:06 PM
    ملف حقوق الإنسان للمصريين فى عهد مبارك


    تحدثنا فى الحلقة الأولى عن نهب أراضى مصر ، فى الحلقة الثانية تحدثنا عن سرقة القطاع العام من خلال بيعه بثمن بخس لصالح " واجهات " تدور فى فلك مبارك وعائلته ، فى الحلقة الثالثة تحدثنا عن ملف صحة المصريين خلال العقود الثلاثة الماضية ، وهو ملف كارثى بكل ما تحمل الكلمة من معانى لأن خطورته تكمن فى أن صحة المواطن هى الضلع الأول فى الأمن القومى للدول ، فى الحلقة الرابعة تكلمنا عن التعليم - الضلع الثانى للأمن القومى للدول – فى عهد مبارك  ، وأوردنا تقارير المتخصصين التى تؤكد انهيار التعليم وفساده فى عهده ، فى الحلقة الخامسة تكلمنا عن الملف الزراعى لمصر فى عهده والذى ينذر بثورة للخبز ، وفى الحلقة السادسة تكلمنا عن الملف الإجتماعى للمصريين فى عهده وأوردنا تقارير المتخصصين التى تؤكد انهياره .. سنفتح اليوم ملف حقوق الإنسان المصرى فى عهد مبارك ..

    لم يشهد تاريخ مصر الحديث قائدا يكرهه شعبه ويرفع أياديه إلى السماء بالدعاء عليه كما يفعل المصريون مع حسنى مبارك ، هو يعلم عنهم ذلك تمام العلم ..
    فى المقابل هم يعلمون عنه أنه يحتقرهم ويهدر كرامتهم فى الشوارع والمعتقلات وينهب ويبدد ثروتهم ويزور أصواتهم فى الإنتخابات ويغير لصالح نسله دستورهم ويقدم التنازل بعد التنازل إلى الإسرائيليين كى يتوسطوا له عند الأمريكيين لتمرير التوريث لشعوره أن شعبه   قد تحول إلى جثة هامدة  ..

    يعتبر ملف حقوق الإنسان أحد أشهر ملفات الانتهاكات التسعة فى نظام مبارك والتى نقدمها فى هذه الدراسة ، ربما بسبب ما يسبب من صدى دولى فى عصر تتابع فيه الفضائيات وشبكة النت ما يحدث على مدار الساعة ..

    نستطيع أن نحدد انتهاكات حقوق الإنسان المصرى فى عهد مبارك فى محورين وهما : انتهاكات حقوق إنسان الدولة القديمة – انتهاكات حقوق إنسان الدولة الحديثة .. ونسوف نتناول كلا المحورين فيما يلى :

    أولا : إنتهاك مبارك لحقوق الإنسان القديمة :

    تواجدت تلك الحقوق فى الدولة القديمة حبث تكفل للإنسان الحد الأدنى من المعيشة ، مثل الحق فى الطعام المناسب – الحق فى المسكن المناسب – الحق فى العمل – الحق فى الزواج – الحق فى العلاج ..
    وقد ذكرنا فى الحلقات السابقة ما يثبت أن مبارك قد أخل بواجباته – مع سبق الأصرار والتعمد من خلال فساده ونهب ثروات البلاد – فى القيام بتوفير تلك الحقوق ..

    - مصر على شفى ثورة الجوعى بسبب ندرة الخبز ..
    -  ملايين المصريين يسكنون فى العشوائيات والمقابر لأن المسكن أصبح حلما غير قابل للتحقيق ..
    - الشباب يغامر بحياته فى قوارب الموت أو بالذهاب إلى إسرائيل والعمل فى جيشها وأجهزة استخباراتها بسبب انعدام الوظائف للمواطن العادى وحصرها على من يدفع مبالغ فلكية أوأصحاب العلاقات ..
    - يوجد 9 مليون عانس فى مصر بسبب عدم القدرة على الزواج مع 3  مليون مطلقة يتألمون فى صمت ويتكفلون 8 مليون طفل مصاب بأمراض نفسية ناتجة عن الطلاق ، مع حزمة كبيرة من المشاكل بسبب عدم القدرة على الزوج ومنها جرائم الإغتصاب والمخدرات ..
    - لا يوجد دولة فى العالم نشرت الأوبئة بين المواطنين وترفض علاجهم إلا فى مصر ، وقد احتل المواطن فى مصر – كنتيجة لإهمال القيادة السياسية فى صحته – المراتب الأولى عالميا فى عدة أمراض خطيرة مثل الفشل الكلوى وسرطان الكبد والضغط ..

    ثانيا : انتهاك مبارك لحقوق الإنسان الحديثة :

    تدور حقوق الإنسان فى الدولة الحديثة – بصفة عامة – حول حقه فى اختيار من يمثله .. وكما ضرب مبارك عرض الحائط فى حقوق الإنسان القديمة بهدف إشغاله ، نراه هنا وبصورة لا مثيل لها فى تاريخ مصر الحديث يضرب حقوق الإنسان الحديثة بهدف دفعه إلى اليأس والإستسلام وفرض الأمر الواقع عليه..

    لجأ مبارك هنا إلى فتح عدة جبهات على المواطن المصرى كى يضمن من خلالها وجود الكرسى تحت سيطرته ، ثم اتجهت أطماعه إلى توريث المنصب إلى أسرته بعد أن ظن أن الشعب - المطحون فى سد حاجاته الأساسية – قد تحول إلى جثة هامدة ..

    اعتمد مبارك فى دفع المواطن بعيدا عن الصندوق الإنتخابى على فتح سبع جبهات كى يستنزف من خلالها طاقاته فى المقاومة ، نستطيع أن تفصلها فيما يلى :

    1- فرض  قانون الطوارئ :

    فرض مبارك قانون الطوارىء منذ اليوم الأول لاعتلائه سدة الحكم ونكث بوعده فى إلغائه فى الشهور التالية .. وقد أعطى قانون الطوارئ لحسنى مبارك سلطات واسعة ، ولا نبالغ حين نقول أنها وضعته قريبا من مرتبة الإله ، وذلك كما يلى :
    -  لرئيس الجمهورية الحق فى وضع قيود على حرية الأشخاص فى الإجتماع والتنقل والمرور فى أوقات وأماكن معينة والقبض على المشتبه فيهم والخطرين على الأمن والتفتيش للأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام الإجراءات القانونية ..
    - له الحق فى مراقبة الصحف والمطبوعات وكافة وسائل التعبير ومصادرتها وتعطيل وإغلاق أماكن طبعها ..
    - له الحق فى تحديد مواعيد فتح وإغلاق المحلات العامة وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها وله الحق فى توسيع دائرة الحقوق فى هذا الشأن ..
    - له الحق فى تكليف أى شخص بتأدية عمل من الأعمال وله الحق فى الإستيلاء على أى منقول أو عقار ..
    ـ له الحق فى إجلاء بعض المناطق أو عزلها وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة ..
    - له الحق فى تعيين محاكم أمن الدولة ولا يجوز الطعن بأى حال فى الأحكام الصادرة فى تلك المحاكم ..

    ترجم حسنى مبارك السلطات الواسعة لقانون الطوارئ بصورة مبالغ فيها وأطلق العنان لضباط الشرطة للفتك بالمواطنين ، وقد وضعت الكثير من منظمات حقوق الإنسان العالمية النظام المصرى كأحد أشهر الأنظمة الدكتاتورية فى التعذيب والقتل ..

    ولأن الفساد هو الوجه الآخر للطغيان ، فقد وضعت منظمة الشفافية الدولية النظام المصرى فى تقرير عام 2009  فى مراتب متدنية على سلم الشفافية حيث احتل المرتبة 111 من إجمالي 180 دولة والتى أسوأها الصومال فى المرتبة الأخيرة ، وقد بينا فى الحلقات الماضية – قدر إمكاناتنا – ما نهبه مبارك وعائلته وحاشيته من مقدرات مصر ..

    كما استخدم حسنى مبارك قانون الطوارىء فى حظر التجمعات السلمية والتى لا يصرح بها إلا فى أضيق الحدود وفقط إذا علم أنها تحسن صورة النظام الحاكم عند الغرب ولا تمثل تهديدا للنظام .. النظام يرحب بتواجد عشرات الألوف حول مطار القاهرة لاستقبال الفريق القومى لكرة القدم ، لكنه يهدد للمواطنين بالقبض عليهم عندما ذهبوا إلى نفس المطار لاستقبال د. البرادعى ..

    وتعتبر المحاكم العسكرية أحد الملاذات الآمنة التى يلجأ إليها حسنى مبارك للتخلص من خصومه السياسيين ، ونخص بذلك أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ..
    فكثيرا ما تبرأ المحاكم المدنية أعضاء الإخوان المسلمين من التهم التى يلفقها مبارك لهم ، هنا يلجأ مبارك إلى المحاكم العسكرية التى يرأسها هو  أو من ينوب عنه – كوزير الدفاع - والتى لاتعترف بالاستئناف  .. لقد شهدت مصر فى الفترة 1992 / 2008 إحالة أكثر من 50  قضية مدنية إلى المحاكم العسكرية ضمت عدة آلاف خصوم مبارك السياسيين ، وشهدت الفترة 2001 / 2008 إحالة 21 قضية إلى محاكم أمن الدولة طوارئ ضمت الكثير من المواطنين الذين سُلبوا الحق فى المثول أمام قاضيهم الطبيعى ..

    وفيما يخص حرية التعبير ، فقد توسع حسنى مبارك فى الزج بالصحفيين الذين يتصدون لقضايا الفساد والطغيان إلى المعتقلات .. شهد عام 2000 عدداً من من قضايا النشر بلغ 16 قضية ، وفى عام 2001 كان العدد 10 قضايا ، وفى عام 2002 كان 12 قضية ، وفى عام 2003 كان 13 قضية ، وفى عام 2004 كان 9 قضايا ..
    لم يتوقف الأمر عند حد تلفيق التهم للصحفيين فى المحاكم المختلفة ، بل تعداه إلى الاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم ، ولعل حادثة مقتل الصحفى رضا هلال الذى اختطف فى عام 2003 ولم يظهر حتى الآن وحادثة محاولة قتل الصحفى عبد الحليم قنديل فى عام 2004 باختطافه فى جوف الليل وتركه عاريا فى قلب الصحراء تعتبران الأشهر فى هذا الشأن ..

    2-: حظر إنشاء أحزاب سياسية منافسة :

    بدأت مسيرة النظام مع الأحزاب فى عام 1976 بإنشاء المنابر ثم صدر قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وتشكلت بموجبه لجنة الأحزاب التى أُعطيت الحق فى قبول أورفض أى حزب .. 
    تكونت لجنة الأحزاب من سبعة أعضاء وهم : رئيس مجلس الشورى ووزراء العدل والداخلية والدولة لشئون مجلس الشعب وثلاثة أعضاء من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين غير المنتمين لأى حزب سياسى ..

    يذكر د. محمود جامع ( طبيب السادات الخاص وجليسه منذ الطفولة ) فى مذكراته – عرفت السادات – أنه سأل السادات عندما أصدر قراره بتكوين الأحزاب " سيادة الرئيس ، هل تريد أحزابا حقيقية أم تريد مجرد ديكورات ؟ " .. يضيف د. جامع أن السادات نظر له ثم ضحك ضحكة عريضة ، وهو ما فسره د. جامع بأن السادات كان لايريد أكثر من ديكورات لتلميع نظامه السياسى ..

    سار حسنى مبارك على درب السادات وتدرب جيدا فى مدرسته ، ثم أظهر فنونه فى الطغيان والفساد بعد أن انفرد بمصر التى أصبحت رهينة بين يديه  ،  يمكن إذن تلخيص مسيرة النظام  مع الأحزاب كما يلى :
    -  وافق نظام السادات من خلال لجنة الأحزاب على تأسيس ستة أحزاب وهم : الوطنى الديمقراطى والأحرار والعمل والتجمع والأمة والوفد ..
    - وافق نظام مبارك  من خلال لجنة الأحزاب  على إنشاء ثلاثة أحزاب وهم : الوفاق -  الغد -  الدستورى الإجتماعى ( هناك بالطبع العديد من الأحزاب الأخرى الهيكلية والتى أنشأتها الأجهزة الأمنية ، ونفضل عدم ذكرها لعدم أهميتها ) ..
    - رفض نظام مبارك من خلال لجنة الموافقة على إنشاء 11 حزبا سياسيا وهم أقر القضاة  قيام 11 حزبا وهم : الناصرى -  الخضر  - التكافل - الإتحادى الديمقراطى -  العدالة الإجتماعية -  مصر الفتاة -  الشعب -  الجيل -  مصر 2000 -  شباب مصر .. ورغم أن القضاء قد أقر فى مطلع يناير 2007 بأحقية تلك الأحزاب فى ممارسة العمل السياسى ، لكن لجنة أحزاب النظام رفضت مرة أخرى فى 6 يناير 2007 ..

    من الطبيعى – وتشكيل اللجنة بهذه الصورة السابقة الذكر – أن يكون جميع أعضاء هذه اللجنة من الحزب الوطنى ، إذن نستطيع القول أن القانون المذكور الذى أنشأ لجنة الأحزاب قد ساهم فى شل الحياة السياسية فى مصر ( راجع الحلقة الماضية للتعرف على تاريخ ضابط المخابرات صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى الحالى ورئيس لجنة الأحزاب  )

    3-  قيود على الجمعيات الأهلية – وأهمها جمعيات حقوق الإنسان – لدفعها إلى الصمت :

    نظم  القانون رقم 84 لسنة 2002 أعمال الجمعيات الأهلية بما يسمح للنظام من السيطرة على نشاطها ، وذلك من خلال سلسلة من القيود التالية : 
    - يحظر القاون المذكور على المنظمات غير الحكومية أن تتلقى أموالاً من الخارج دون موافقة وزارة الشئون الإجتماعية .. 
    - يشترط  القانون المذكور موافقة الوزارة السابقة على المرشحين لعضوية مجالس إدارة تلك المنظمات غير الحكومية ..
    - يعطى القانون المذكور الحق للوزارة السابقة فى حل أو تجميد أى منظمة غير حكومية أو حتى مصادرة ممتلكاتها وبدون أمر قضائى ..
    - يشترط القانون المذكور حصول تلك الجمعيات الأهلية على الموافقة الأمنية كى تتمكن من مزاولة عملها ..

    النتيجة على الأرض هى شلل عمل تلك المنظمات وتدجينها ، أو توجيه التهم إلى مجلس إدارتها إذا رفض تنفيذ أوامر ضباط أمن الدولة ، ولعل التهم الباطلة التى وجهت إلى د. سعد الدين براهيم – رئيس مركز ابن خلدون للبحاث الإجتماعية -  ووضعه فى السجن عدة مرات هى خير دليل على ذلك ..

    أما الجمعيات الأهلية التى تديرها سوزان مبارك مع ابنها المدلل المستكبر جمال مبارك ، فهى تتلقى عشرات الملايين من الدولارات كل عام دون أن يجرأ شخص من الأجهزة الرقابية العديدة أن يفتح فمه مطالبا بالدفاتر ، بينما يقف النظام متعسفا لأى مبلغ ولو ضئيل تتلقاه جمعيات حقوق الإنسان التى تدافع عن ضحايا الإنتهاكات التى يرتكبها مبارك وزمرته !! .

    4- اختراق النقابات للحد من سيطرتها على الصندوق الإنتخابى  :

    لا تقل الإنتهاكات التى مورست على النقابات المهنية عن سابقتيْها ، فقد صدر بحقها القانون رقم 100 لسنة 1993 والذى أطلق عليه اسم " قانون ضمانات ديمقراطية النقابات المهنية " ، ثم عدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 ..
    لقد عطل هذا القانون أعرق النقابات المهنية وجرد مجالس إدارتها من حقوقهم فى تحديد مواعيد الإنتخابات وسلب إختصاص اللجان الفنية مثل لجنة القيد فى جداول النقابات ..
    نذكر فى هذا الصدد أن الانتخابات معطلة منذ 15 عاما فى نقابتى الأطباء والمهندسين ، كما أن ما جرى من تدخل أمنى ودور سلطان الجزرة بين أعضاء نقابتى الصحفيين والمحامين فى انتخاباتهما الأخيرة منذ شهرين لهو خير دليل على تلك الإنتهاكات ..

    5- شل الحياة الجامعية :

    أنفرد ضباط أمن الدولة بالجامعة المصرية فى عهد مبارك  ، كما قامت قوات الأمن المركزى بالتواجد الدائم وبأعداد ضخمة وغير مبررة حول مداخلها لترهيب الطلبة .. لقد أصبح ضابط أمن الدولة من خلال تقاريره الأمنيه هو من يقرر ترقية أو نقل أو معاقبة أعضاء هيئة التدريس .. انتهت حرية الطالب فى اختيار من يرغب فى انتخابات الجامعة بعد أن يأس النظام الحاكم من فوز التيار الإسلامى فى تلك الإنتخابات ، كما سيطر النظام أيضا على انتخابات هيئات التدريس بالجامعات ، وإن كان بصورة أخف من مثيلتها الطلابية .. قامت النظام السياسى بتشجيع الإنحلال الأخلاقى – خاصة الزواج العربى - داخل أسوار الجامعة لدفع الطلبة بعيدا عن المطالبة بالحقوق السياسية ..

    6- العبث بمواد الدستور لمصلحة مبارك ونسله :

    يعتبر تغيير مواد الدستور خطا أحمر أمام كل طاغية فاسد ، يستطيع أى طاغية أن يتحايل ويزور ، لكن العبث بمواد الدستور لصالحه يعتبر من المحرمات ..
    لم يجرأ  مبارك طوال فترة ربع قرن من حكمه على الإقتراب من الدستور ، فعل الكثير من التجاوزات وبقى الدستور فى مكانه .. لكنه أطلق رصاصة الرحمه على الذبيحة مصر فى 2007 كى يلامس بفجره وفحشه سقف المحرمات ، استعدادا لقدوم ابنه ليجلس بالمنصب الرئاسى .. لقد عبث بمواد الدستور ووضع فيها – بمساعدة زمرته الفاسدة من القانونيين - كل العراقيل التى يستحيل على أى مرشح من غير الحزب الوطنى أن يتجاوزها .. نستطيع أن نحدد تلك العراقيل في النقاط التالية :

    * اشترطت المادة 76 - المعدلة فى 26 مارس 2007 - حصول المتنافس لرئاسة الجمهورية على موافقة 250 عضوا من أعضاء مجلس الشعب ومجلس الشورى والمجالس المحلية ، وهو شرط يستحيل تحقيقه لأى متنافس من غير الحزب الوطنى  ..
    ( تدخلت القوة الأمنية فى انتخابات مجلس الشعب فى أكتوبر / ديسمبر 2005 وحصرت عدد المعارضين للحزب الوطنى بـ 88 عضوا من إجمالى 444 عضو .. وتدخلت أيضا فى انتخابات مجلس الشورى فى يونيو 2007 وسمحت بوصول عضو واحد فقط – من حزب التجمع – من إجمالى أعضاء المجلس البالغ عددهم 88 عضوا .. كما تدخلت أيضا فى انتخابات المحليات بالمحافظات التى جرت فى أبريل 2008 ولم تسمح بنجاح أى معارض فى المجالس المذكورة والبالغ عدد أعضائها 52 ألف عضوا فى مختلف المحافظات وألقت القبض على الكثير من مرشحى المعارضة  قبل الإنتخابات )..

    * أنشأت المادة 76 ما يسمى بـ " لجنة الإنتخابات الرئاسية " واشترطت على كل متقدم لتلك الإنتخابات الحصول على موافقة أعضائها .. تتكون تلك اللجنة من عشرة أعضاء ، رئيسها هو رئيس المحكمة الدستورية العليا ( الذى يعينه الرئيس ) وأعضاؤها يتم ترشيحهم من مكتب رئيسى مجلسى الشعب والشورى ( التابعين للحزب الوطنى من خلال القوة الأمنية كما أوضحنا ) ..

    ولأن مستشارى المحكمة الدستورية العليا يعلمون حيل وألاعيب مبارك ، فقد قاموا فى يونيه 2009 بتقديم رجاء إليه بأن يكون رئيس  المحكمة الدستورية الجديد والقادم فى 1 يوليو من أحد أعضائها البالغين 16 عضوا  ..
    الأعراف القضائية كانت على الأقل تصب فى هذا الإتجاه وكان مبارك – المستعد لما هو قادم من توريث - قد ضرب بها عرض الحائط قبل ذلك مرتين ، الأولى عندما عين المستشار ممدوح مرعى فى 2003 لرئاسة المحكمة الدستورية العليا رغم أنه لم يجلس يوماً علي كرسي مستشاريها ، ثم عينه وزيراً للعدل فى 2006 حيث يمارس مهامه الآن كأحد أشد الوزراء المؤيدين للتوريث ، وعين خلفاً له فى 2006 النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد ولم يكن له أي تاريخ في المحكمة الدستورية العليا ..

    خالف مبارك أيضا فى المرة الثالثة الأعراف القضائية بما عرف عنه من عناد تكسوه طبقة كثيفة من الغباء وعدم الرؤية ، فقد عين فى 1 يوليو 2009 المستشار فاروق سلطان رئيسا للمحكمة الدستورية العليا ، المستشار المذكور كان رئيسا لمحكمة جنوب القاهرة ولم يعمل ولو ليوم واحد فى المحكمة الدستورية العليا بل كان رئيسا لمحكمة جنوب القاهرة وبعيدا كل البعد عن هذا التخصص الجديد .. إن نظرة واحدة فى ملف هذا الرجل تقول أنه كان القاضى الذى أصدر قرار إغلاق نقابة المهندسين منذ 15 عاما ..

    إذن يستطيع القارىء وبسهوله أن يستنتج أن لجنة الإنتخابات الرئاسية التى أنشأها مبارك فى المادة 76 - والتى يجب على المرشحين لرئاسة الجمهورية الحصول على موافقتها -  ما هى إلا نسخة طبق الأصل من لجنة الأحزاب التى سبق الحديث عنها !!

    يقول الفقيه الدستورى الكبير د. يحيى الجمل بشأن تعديلات المادة 76 فى حديثه لصحيفة الشروق المستقلة فى عددها الصادر فى 6 يناير 2010 ما يلى :
    "  أنا أطلقت عليها اسم الخطيئة الدستورية ، وقلت هذا الكلام فى مجلس الشعب، قلت لهم التاريخ هايحسبكم لأن من صاغ هذه الماده أهان مصر ، أهانه الله .. هذه المادة جاءت لتقول : لا أحد يستطيع أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية فى مصر إلا رئيس الحزب الوطنى أو من يختاره الحزب الوطنى ، أى تفسير آخر لهذه المادة هو نوع من العبث .. هذا شىء لا مثيل له فى العالم ، أنا عندى فى المكتبة كل دساتير العالم، لا توجد مادة بهذا الشكل .. المسألة ليست نصا أو بندا فى الدستور فقط ، وإنما هى الغاية من التشريع .. المشرع أراد تأكيد وتثبيت السلطة ، فى حين أن الأصل فى الدستور أن يقيد السلطة ويوسع مساحة الحرية .." .. 
    * أبقى مبارك على المادة 77 والتى تسمح ببقاء الرئيس في السلطة مدى الحياة ( دون تحديد سقف زمني لمدد الرئاسة بمدتين ، وهو التحديد الذي كان محل إجماع القوى الوطنية ورغم ذلك تجاهلته التعديلات الدستورية الأخيرة ) ، وبذلك يصبح انتقال السلطة لمن يلى مبارك تأبيدا وتوريثا..
    * نزعت تعديلات مبارك فى الدستور وتحديدا فى المادة 88 من القضاة حقهم الطبيعى فى الإشراف القضائى على العملية الإنتخابية .. لقد اتخذ مبارك وزمرته من ترزية القوانين هذا القرار بعد الوقفة النبيلة التى وقفها قضاة مصر فى انتخابات عام 2005 والتى أكدوا فيها تزوير الإنتخابات فى الدوائر التى أشرفوا عليها ، بل أصدروا كتابا أسود ذكروا فيه أسماء القضاة الذين شاركوا مبارك هذا التزوير..
    لمع منذ ذلك التاريخ أسماء من قضاة مصر الشرفاء مثل المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادى قضاة مصر حينها والمستشار محمد الخضيرى نائب رئيس محكمة النقض ورئيس نادى قضاة الأسكندرية حينها والمستشار هشام البسطويسى نائب رئيس محكمة النقض حينها والمستشار محمود مكى نائب رئيس محكمة النقض حينها وشقيقه المستشار أحمد مكى نائب رئيس محمكة النقض حينها ، ومعهم المئات من مستشارى مصر الأطهار حيث يضيق المكان بذكرهم ..
    جميعهم فضحوا النظام على الفضائيات وسوف يذكر التاريخ وقفتهم البطولية بجانب شعبهم فى محنته داخل هذا النفق المظلم .. لقد ضاق النظام ذرعا بهم وأصدر قرارا بالمحاكمة التأديبية لبعضهم ، وضيقت الخناق على آخرين لدفهم إما للإستقالة أو للإعارة لدول الخليج..
    ( تدخلت أجهزة مبارك الأمنية من وراء الستار للحصول لبعضهم على عقود عمل بالخليج ، الظريف أن تلك العقود تدفقت على  مستشار من قائمة الشرفاء لأنه أعلن عن نيته فى الترشح لرئاسة الجمهورية ، وقد قبل أحدها )  ..

    7- حزمة انتهاكات الفرصة الأخيرة قبل الإنتخابات :

    وهى سلسلة من الإجراءات التى يتخذها مبارك قبل وأثناء العملية الإنتخابية ويهدف بها فرض المزيد من السيطرة على العملية الإنتخابية .. هى أجراءات أصبحت على أية حال معروفة للمواطن المصرى بسيط الثقافة بسبب تكراراها الدائم فى كل انتخابات مبارك ، ونذكرها كما يلى :

    - التعسف الذى تبديه وزارة الداخلية عندما يذهب المواطن إليها لطلب استخراج البطاقة الإنتخابية ..
    - لعبة الجداول الإنتخابية وتتم بطريقتين : الأولى من خلال عدم حذف أسماء الأموات منها ومن ثم إضافتهم إلى مؤيدى الحزب الوطنى ، الثانية من خلال نزع أسماء المعروفين من المؤيدين للتيارات المنافسه – خاصة التيار الدينى بسبب ظهوره الواضح من خلال اللحية أو الحجاب - من جداول دوائراهم ووضعها فى دوائر إنتخابية بعيدة عنهم ودون إخبارهم حتى لا يتمكنون من الإنتخاب ..
    - تدخل سلطان المال لشراء أصوات الشعب الذى ضربه الجوع ، ولعل القارىء يذكر نائب الحزب الوطنى الذى وقف فى الجولة الثانية من انتخابات 2005 وقال " أنفقت فى الجولة الأولى 25 مليون جنيها وسوف أنفق أكثر فى الجولتين الثانية والثالثة "
    - استخدام قوات الأمن المركزى فى محاصرة الدوائر الإنتخابية ومنع المواطنين من الإدلاء بأصواتهم ، وقد وصل الأمر فى انتخابات 2005 إلى إطلاق الرصاص الحى على المواطنين وقتل العديد منهم ..
    - استخدام أصحاب السوابق الإجرامية والذين يحملون السيوف والسلاسل الحديدية فى ترهيب المواطنين وإبعادهم عن الدوائر الإنتخابية حتى لا يختار الشعب - الناقم على القيادة السياسية – ممثليه ..
    - تزوير الإنتخابات من خلال صناديق انتخابية جاهزة لهذا الغرض ..

    تقارير المنظمات الحقوقية الدولية عن مبارك :

    نختم هذه الحلقة ببعض ما أوردته المنظمات الدولية التى تراقب حالة حقوق الإنسان حول العالم ونذكر بعضها فيما يخص الحالة المصرية ، كما يلى :

    - فى التقرير السنوى لمنظمة فريدوم هاوس عن عام 2006 وضعت المنظمة مصر ضمن ذيل قائمة تقريرها السنوى ، عللت المنظمة المذكورة ذلك بوجود أكثر من عشرين ألف سجين سياسى فى السجون المصرية موزعين على 51 سجن ومعتقل ، والكثير منها فى الصحراء ومضى على الكثير منهم ما يقرب من عقدين من الزمان دون الإفراج عنهم ، رغم حصولهم على قرارات إفراج من المحاكم وصلت فى بعض الحالات إلى مائة حكم مع إصرار وزارة داخلية النظام على عدم تنفيذ قرارات تلك المحاكم ..
    -  وضعت منظمة مراسلون بلا حدود الدولية مصر فى المرتبة 133 فى حرية الصحافة من إجمالى 169 دولة فى الترتيب السنوى لحرية الصحافة والذى وضعته لعام 2006 ..

    - فى 17 يناير 2007 أكدت المؤسسة السابقة فى تقرير لها عن حالة حقوق الإنسان فى العالم أن مصر شهدت إنتكاسة فى الحريات السياسية والعامة ، أضافت المؤسسة أن أهم أسباب الركود السياسى هى رفض النظم الحاكمة العربية توسيع نطاق المشاركة السياسية فى صنع القرار ، وصرح مدير مكتبها فى منطقة الشرق الأوسط - إريك بادينجتون - أن منطقة الشرق الأوسط هى الأكثر قمعا عالميا ..

    - وضعت صحيفة الإيكونومست مصر فى المرتبة 115 من بين 167 دولة فيما يخص مؤشرات الديمقراطية فى تقرير العالم الذى أصدرته فى عام 2007 ..

    - أصدر البرلمان الأوربى – 27 دولة أوربية - فى 16 يناير 2008 قرارا يدين فيه إنتهاكات حقوق الإنسان فى مصر وهدد بقطع المساعدات فى حالة عدم توقف تلك الإنتهاكات ..

    - فى تقريرها السنوى عن أوضاع حقوق الإنسان حول العالم أصدرت منظمة هيومان رايتس واتش تقريرها لعام 2007 فى 30 فبراير 2008  ،  أدانت المنظمة فيه مصر بسبب تصعيدها الملاحقات السياسية لكل من المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى والصحفيين ..

    - ذكرت منظمة العفو الدولية من مقرها فى لندن فى تقريرها الصادر فى 29 مايو 2008 أن التعديلات الدستورية التى قام بها نظام مبارك فى العام 2007 هى أخطر إنتكاسة لحقوق الإنسان فى مصر منذ فرض قانون الطوارىء ..

    - فى دراسة أمريكية أجرتها جامعة واشنطن تحت عنوان " اعتقال المدونين وحرية التعبير على شبكة الإنترنت " ونشرت نتائجها صحيفة واشنطن بوست فى 19 يونيه 2008 أكدت الجامعة المذكورة أن مصر هى أسوأ دول العالم انتهاكا لحريات المدونين فى عام 2007 ( الأولى مصر باعتقال 14 مدونا ثم الصين باعتقال 12 مدونا ) وتوقعت الدراسة إزدياد عدد المعتقلين فى مصر فى عام 2008 ..

    - أصدرت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان فى 18 يونيه 2008 تقريرها السنوى حول حقوق الإنسان فى العالم ، عن مصر ذكرت أن عام 2007 هو عام التغيير الدستورى القمعى حيث جرى تعديل 34 من مواد الدستور ..

    - فى تقريرها السنوى الصادر فى 12 يناير 2009 والذى يتناول أوضاع حقوق الإنسان حول العالم فى عام 2008 ،  ذكرت منظمة فريدوم هاوس في أن مصر ليست " غير حرة " لإعتمادها على انتخابات غير ديمقراطية وأنها من بين الدول " الأكثر عنفا " فى التعامل مع أحزاب المعارضة والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المستقلة ..

    فى الحلقة القادمة – إن شاء الله – سنفتح ملفا آخر من ملفات حكم مبارك ، فإلى اللقاء ..

    الفئة: مصر فى عهد مبارك | مشاهده: 666 | أضاف: aymanabbas | الترتيب: 0.0/0
    مجموع المقالات: 0
    الاسم *:
    Email *:
    كود *:
    Copyright MyCorp © 2024
    الاستضافة من uCoz